فيديو
الايمان بالقضاء والقدر واثره في سلوك الفرد للشيخ الدكتور عبد الكريم زيدان
.. المزيد
عن الشيخ
لم  يكتِّب  الشيخ عبدالكريم زيدان رحمه الله سيرته الذاتية بكتاب جامع لها, ولم يكن يكترث كثيرا لهذا (رحمه الله), ولكن شاء الله ان يقوم باحث في جامعة الازهر الشريف بتسجيل رسالة دكتوراه بعنوان (جهود د. عبدالكريم زيدان في خدمة الدعوة الاسلامية), وكان من متطلبات رسالته هذه ان يخصص فصل كامل فيها عن حياة الشيخ, فوجه هذا الباحث اسئلة كثيرة للشيخ أرسلها له الى صنعاء - حيث كان يقيم آنذاك – واجاب الشيخ عنها في حينها .. المزيد
حكم محاكاة القران
حكم محاكاة القرآن في غير ما نزل فيه  (استخدام الآيات القرآنية بصورة غير مناسبة في المقالات الصحفية) سؤال: إحدى الصحف نشرت في مقال لها ما نصه: (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب البيض... ألم يجعل كيدهم في تقويض، وأرسل عليهم صقور التوحيد، وفهودا سمراً صناديد، فجعلهم في منفى أشتاتا رعاديد)  فما قولكم في مثل هذا الكلام؟ الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين، أم .. المزيد

الأرشيف --> الفتاوى

فتوى المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات (2009م)

مجالس المحافظات هي مجالس خدمية يشترك ابناء المحافظة الواحدة بانتخاب اعضائها لتسيير شؤونهم, ويقوم اعضائها المنتخبين بتقديم المشاريع والخدمات التي تحتاجها هذه المحافظة , وهي بهذا تختلف عن مجلس النواب (البرلمان) من نواحي عدة كون الناخبين يكونون من ابناء المحافظة حصرا, وان المهام المناطة بها هي خدمية بالدرجة الاولى.

ولكون العراق تحت الاحتلال في تلك الفترة, فقد وجه للشيخ عبدالكريم زيدان عدة اسئلة شرعية حول هذه المجالس والانتخابات المتعلقة بها - تحديدا - فأجاب بما يلي:

سؤال:

ما حكم المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات القادم(2009م) في العراق ترشيحا وانتخابا؟ ... وحسب معرفتكم بأوضاع العراق الحالية هل يتأكد هذا الحكم ويتعزز؟

الجواب:

من حيث المبدأ يجوز بل يجب المشاركة في هذه الانتخابات (لأعضاء مجالس المحافظات) لتحقيق المصلحة لعموم الناس عن طريق الحصول على العضوية في هذه المجالس والدليل على ذلك أن صلاحيات مجلس المحافظات تشتمل على ما فيه خير ومصلحة وقضاء حاجات لأهل المحافظة مما هو مذكور في هذه الصلاحيات وهي تدخل في مفهوم البرّ والبرّ من مطلوبات الشرع لقوله تعالى (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) والاصل في صيغة الامر هنا أنها للوجوب فيدخل التعاون على ما ذكرنا مما يدخل في صلاحيات المجلس ضمن مدلول الآية الكريمة، والقاعدة الفقهية تنص على ( أن ما لا يتم الواجب الا به فهو واجب) ، وحيث أن تحقيق تلك الصلاحيات وسيلة الحصول على عضوية المجلس فيكون الاشتراك في انتخابات مجلس المحافظات للفوز بعضويته وسيلة لتحقيق ما ذكرناه كما أن هناك الاصل في حكم الوسائل المباحة تأخذ حكم المقاصد منها ، والانتخابات المذكورة وسيلة لتحقيق مقاصد التعاون على البر فتكون الوسيلة واجبة، وعلى اقل تقدير تكون مندوبة والمندوب لا يجوز انكاره او الاعتراض عليه.

ومن حيث الترشيح فيجب على من يجد في نفسه الكفاءة اللازمة والقدرة على تنفيذ ما تعطيه له هذه العضوية في مجالس المحافظات من صلاحيات فيجب عليه ان يرشح نفسه الا اذا وجد من هو اكفأ منه واقدر على تحقيق الاغراض المقصودة من فوزه فعليه ان ينسحب هو ويرشح الاكفأ منه والاقدر على تحقيق هذه المصالح ومثاله كمثال من يجد في نفسه الكفاءة في امامة المصلين للصلاة لكنه رأى من هو اكفأ منه واقدر على القيام بمتطلبات الامامة في الصلاة فيكون هو الاحق بهذه الامامة وعلى من يعلم بذلك ان يختاره وينسحب هو من ترشيح نفسه لهذه الامامة ويرفض حتى ترشيح الغير له على ذلك الاساس.

سؤال:

ما يقول أستاذنا الكريم فيمن يُخذل الناس عن المشاركة مبررا ذلك ببعض الشبهات ومنها أن لا جدوى من المشاركة أصلا لان النتائج محسومة, وأنه لن يحصل تغيير وأن الأمر سيبقى على ما هو عليه, وأن المشاركة فيها شرعنة للاحتلال والأوضاع الناتجة عنه, وأنه ليس لدي قناعة بكل الكيانات المعروضة على الساحة .. إلخ

الجواب:

اذا عرفنا بأن المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات تجوز بل تجب، فان التخذيل عن المشتركة تخذيل عن أمر مشروع او هو من المعروف، والتخذيل عن أداء الواجب المشروع وهو من المعروف وليس من المنكر، لا يجوز لان هذا من شأن المنافقين ،قال تعالى (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ). وهذا خلاف شأن المؤمنين لان شأن المؤمنين هو الامر بالمعروف ومنه {اداء الواجب} بأنفسهم ومن المعروف المشاركة في الانتخابات التي نتكلم عنها، قال تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ) ويدخل في مفهوم المنكر هنا التثبيط عن اداء الواجب او ما يدخل في مفهوم المعروف شرعا. وأما ما ذكر من شبهات تبرر عدم المشاركة في هذه الانتخابات فهي لا يمكن الاعتماد عليها والقبول بها لترك هذا الواجب او المعروف شرعا، لان القاعدة الشرعية هي ان المسلم يسأل على اداء ما عليه من واجب ولا يسأل عن عدم حصول او تحقيق الغرض الذي من اجله يراد شرعا وجوب الوسيلة لتحقيق الغرض منها ، والاصل في ذلك قوله تعالى (وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ) فهذا هو الواجب على الرسول اما عدم تحقق الغرض من هذا البلاغ وهو القبول بما يبلغه فهذا مما لا يسأل عنه الرسول.

واما القول بان الاشتراك في الانتخابات لكونها مزورة سلفا او لان نتائجها محسومة مسبقا الى اخره من هذه الشبهات فان الجواب عليها هو ما قلناه سالفا، من انه علينا القيام بما هو واجب علينا شرعا ولسنا مطالبين بتحقيق الغرض والذي من اجله جاء هذا الواجب الشرعي.

وأما الادعاء بان الاشتراك في انتخابات مجالس المحافظات هو من قبيل شرعنة الاحتلال والكفاية، صحيح، لان قيامي بالاشتراك بهذه الانتخابات قياما بما هو واجب عليَّ ومثال ذلك ان كنت اصلي في مسجد قريب من دوائر الكافر المحتل الذي لا استطيع قلعه من الارض والكافر يسمح بارتياد المسجد وكان بإمكانه منع المصلين من اداء الصلاة " كما يفعل اليهود اليوم في المسجد الاقصى" فاذا سكت الكافر المحتل عن ارتياد المساجد من قبل المصلين والتجمع فيها والتناصح فيها فلا يقال أن ارتياد المساجد في هذه الحالة من قبيل شرعنة الاحتلال لأنه هو اي الكافر الذي سمح بذلك "ارتياد المساجد" ولأنهم يقومون بالواجب الشرعي بإدائهم لصلاة الجماعة فيه والتناصح والأمر بالمعروف بينهم.

سؤال:

ما قول الدكتور في أهمية التصويت .. وهل هو من قبيل الشهادة الواجبة لله ... وما حكمها .. وهل يأثم من يتهاون في أدائها؟

الجواب:

نعم الاشتراك بانتخابات مجالس المحافظات وأمثالها من الانتخابات, الواجب الاشتراك فيها او المندوب الاشتراك فيها، فان التكييف الشرعي لمثل هذه الاشتراكات هي من قبيل الشهادة، لان الناخب عندما ينتخب شخصا كأنه يشهد بأن هذا الشخص هو أهل للفوز بهذا المنصب او المركز، والله يقول (وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ ۚ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) وقوله تعالى (وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا).. والدعوة قائمة لمن عنده شهادة بأن يتقدم لأدائها وبأن ينتخب القوي الامين.

سؤال:

ما حكم من يصوت لمرشحين على أساس القرابة أو لأي اعتبار آخر غير النزاهة والأمانة والكفاية، أو يصوت لمرشح لا يعرفه نكاية بمن يختلف معه في أمر من الأمور الاجتهادية؟

الجواب:

الاصل للناخب وقد قلنا أن هذه الانتخابات من قبيل اداء الشهادة. ويجب ان يكون الشاهد صادقا فيما يشهد لأنه يشهد بالحق والصدق وأن يشهد لمن يستحق بالإخبار عنه بأنه قوي أمين. فلا يجوز شرعا للناخب أن ينتخب شخصا لقرابته منه او لقبيلته او عشيرته او حزبه الذي ينتمي اليه، وانما يكون ميزان الانتخاب هو ميزان الشرع الاسلامي الحنيف الذي يقوم على قاعدة القوي الامين، ويدخل في مفهوم القوة هنا القدرة على القيام بما هو مشروع ومنها الصلاحيات الممنوحة للعضو في مجالس المحافظات، ومن معاني القوة ايضا زيادة على كونه مسلما أمينا لا تعرف عنه كبيرة ولا سابقة مخلة، أن يكون له مركزا اجتماعيا او ان يكون من عائلة معروفة بالأمانة والعلم والاخلاص يتقبله الناس ويعينوه على تنفيذ ما هو داخل في صلاحياته، الى غير ذلك من الدواعي التي لها تأثير قوي في انتخاب من يستطيع أن يحقق اكبر قدر من المصلحة لأبناء تلك المحافظة ، ولا يجوز للناخب أن لا ينتخب القوي الامين لأنه يختلف معه في أمر ليس هو المحق فيه بل عليه ان ينتخبه بالرغم من خلافه معه فيما يسوغ فيه الاختلاف.

سؤال:

هل يترتب على المصوت مسؤولية فيما لو أعطى صوته للانتهازيين أو الفاسدين ... بمعنى هل يتحمل المنتخب وزر تولية من ليس أهلا لهذه المسؤولية؟

الجواب:

نعم يعتبر الناخب شاهد التصويت شاهد زور جاء فيه من الوعيد ما هو ثابت ومنقول في الكتاب والسنة، مما نحن في غنى عن ذكره .

سؤال:

لو افترضنا جدلا أن كل المتقدمين للترشيح لهذه المجالس ليسوا أهلا لها ... فهل الواجب الامتناع عن التصويت ، أم يكون من الواجب التصويت لتقديم الأقل سوءا والأهون ضررا على الدين والدنيا؟

الجواب:

هنا يجب أن يختار من هو أقل سوءا بحسب علمه مع عدم انتخاب المجاهر بالكبائر كالمعروف عنه التعامل بالربى او ارتكاب الفواحش والمحرمات او الاصرار على ترك الصلوات حتى صلاة الجمعة او معروف بمعاداته لأهل الحق ولدعاة الاسلام والمسلمين، ونحو ذلك مما لا يسع الناخب أن ينتخبه لان الاسلام يؤاخذ الانسان على ما يبنيه على علمه ومعلوماته عن هذا الشخص المراد انتخابه.

سؤال:

لو امتنع بعض الناس عن التصويت .. وترتب على ذلك فوز من ليس أهلا لهذه الولاية. .. فهل سيلحق من امتنع إثم تقدم غير الأمناء على الخيرين أو الأقل منهم سوءا؟

الجواب:

الممتنع إن لم يوجد مبرر لامتناعه مقبول بموازين الشرع فهو آثم لامتناعه، وأما ان كان امتناعه لمبرر مقبول شرعا وان لم يكن صحيحا فلا اثم عليه شرعا "ان شاء الله تعالى" وهو يختلف باختلاف الاشخاص الا اذا كان امتناعه عن انتخاب شخص اشتهر بصلاحه والتجربة معه في مدة طويلة فهذا لا يجوز الامتناع عن انتخابه لان ذلك امتناع من قبيل الهوى او بدافع من العداء او الحسد او نحو ذلك.

ولهذا يقول اهل العلم في الشكوى على القضاة ان لولي الامر أن لا يقبل هذه الشكوى اذا كانت على قاض مشهود له بالعدل بناء على تحارب طويلة بالأقضية الكثيرة التي لا يعرف له فيها اتباع للهوى، فان الشكوى هنا تكون من باب القدح فيه وتشويه سمعته بلا وجه حق، وولي الامر مطلوب منه ان يحافظ على سمعة ومركز القضاة العدول وأن يبقيهم في مركزهم المحترم من قبل الناس.

الجمعة 4 صفر 1430هـ 30 كانون الثاني 2009

 


طباعة هذه الصفحة طباعة هذه الصفحة

نشرت بتاريخ: 2015-02-16 (5948 قراءة)